هل تسبب رفرفة أجنحة الفراشة في البرازيل إعصارًا في تكساس؟ ليس تمامًا. ولكن عندما طرح عالم الرياضيات Edward Norton Lorenz السؤال في عام 1972، قدّم للعالم فكرة أن التغييرات الصغيرة في الظروف الأولية يمكن أن يكون لها تأثير لا خطّي على نتائج النظام المعقد، أو ما عُرف بنظريّة تأثير الفراشة. اعتنقت الثقافة الشعبية استعارة الفراشة التي تُطبق رمزيتها على جوانب مختلفة من الحياة منذ ذلك الحين، و لم تعد مجرد نظرية رياضيّات أو أرصاد جوية. لكن ماذا عن تطبيق تأثير الفراشة على التسويق؟ في حين أن عبارات مثل "التفكير الكبير" والانتشار السريع الالكتروني" قد تكون أول المبادئ التسويقية التي تتبادر إلى الذهن، إلا أنه في بعض الأحيان يجب أن ننظر إلى الأمور بِعدسة مجهرية. إذ تبدو هذه الخطوة مخالفة للتوقعات، إلّا أنّ حملة Volkswagen Beetle الإعلانية في عام 1959، والتي أصبحت ناجحة جدًا لدرجة أنها "حققت أكثر من مجرد زيادة المبيعات وبناء ولاء للهوية التجارية مدى الحياة" تذكّرنا بتأثير الأشياء الصغيرة. يقول Mike Odgen في مقاله في Portland Business Review، "غيّر الإعلان [...] طبيعة الإعلان ذاتها - من طريقة إنشائه إلى ما تراه كمستهلك اليوم." فيما يتعلق باستراتيجيات التسويق الأكثر مباشرة، قد تفكر في التأثير المضاعف لِخدمة ما بعد البيع مثل التدابير التكيفية التي اتخذها بعض مقدمي الخدمات في أعقاب جائحة Covid-19. على سبيل البيان، أظهرت الشركات التي تواصلت مع أصحاب الأعمال التجارية المتضررة من Covid-19 الدعم في أوقات الأزمات من خلال إعفائها من رسومها، لتجعل الزبائن أولوية. يأتي هذا الإجراء الصغير من جانب مزودي الخدمة ثماره عندما يأتي الأمر إلى زيادة رضا الزبائن و الولاء للهوية التجارية والمشافهة التسويقية. كما لا يمكن إنكار الارتدادات الواضحة لوسائل التواصل الاجتماعي في مجال التسويق. في الواقع، لقد أصبحت وسائل التواصل محور الأحاديث و والشبكات التي جلبت معها عنصرًا لا مفر منه من الفوضى. يمكن للمنشور أن يحصد آلاف الإعجابات و يمكن أيضا أن يخلق ضجة نتيجة لإستراتيجية منفذة بعناية. في بعض الأحيان لا يحقق النمو المطلوب. في أوقات أخرى، يحدث ذلك عن غير قصد. في حين أنه لا يمكن التنبؤ بمدى تأثير الفراشة، فمن المؤكد أنه مفهوم مستمر التطور في مجال التسويق. لا يُظهر فقط قوة التسويق عندما يتم بشكل فعال، ولكن يمكنه أيضًا تحقيق نتائج كبيرة في حد ذاته. بعبارة أخرى، يمكن لاستراتيجيات التسويق، مهما بدت صغيرة، أن تسبب عاصفة من الاحتمالات للهوية التجارية. أو كما يقول الشاعر محمود درويش، " أَثر الفراشة لا يُرَى/ أَثر الفراشة لا يزول."